الأربعاء، 1 يونيو 2011

سورة المطففين

تفسير(سورة المطففين)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌۭ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴿٣﴾ أَلَا يَظُنُّ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍۢ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٦﴾كَلَّآ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍۢ ﴿٧﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا سِجِّينٌۭ ﴿٨﴾ كِتَـٰبٌۭ مَّرْقُومٌۭ ﴿٩﴾ وَيْلٌۭ يَوْمَئِذٍۢ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٠﴾ ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ ﴿١١﴾ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿١٣﴾ كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴿١٤﴾ كَلَّآ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍۢ لَّمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا۟ ٱلْجَحِيمِ ﴿١٦﴾ ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ﴿١٧﴾ كَلَّآ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْأَبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ ﴿١٨﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴿١٩﴾ كِتَـٰبٌۭ مَّرْقُومٌۭ ﴿٢٠﴾ يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴿٢١﴾ إِنَّ ٱلْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ ﴿٢٢﴾ عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ ﴿٢٣﴾ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ ﴿٢٤﴾ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍۢ مَّخْتُومٍ ﴿٢٥﴾ خِتَـٰمُهُۥ مِسْكٌۭ ۚ وَفِى ذَ‌ٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَـٰفِسُونَ ﴿٢٦﴾ وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسْنِيمٍ ﴿٢٧﴾ عَيْنًۭا يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴿٢٨﴾ إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُوا۟ كَانُوا۟ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يَضْحَكُونَ ﴿٢٩﴾ وَإِذَا مَرُّوا۟ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴿٣٠﴾ وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓا۟ إِلَىٰٓ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُوا۟ فَكِهِينَ ﴿٣١﴾ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوٓا۟ إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ ﴿٣٢﴾ وَمَآ أُرْسِلُوا۟ عَلَيْهِمْ حَـٰفِظِينَ ﴿٣٣﴾ فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴿٣٤﴾عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ ﴿٣٥﴾ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴿٣٦﴾


((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)).
هلاك وخسار، وعذاب ودمار، لمن غش في المكيال والميزان بالزيادة إذا اكتال والنقص إذا كال.
((
الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
)).
الذين إذا طلبوا حقوقهم من غيرهم أخذوها وافية كاملة؛ سواء في الميزان أو المكيال أو سائر الأحكام والأموال كافة.
((
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
)).
وإذا كالوا لغيرهم، أو وزنوا لهم نقصوا حقوقهم، وبخسوا حظوظهم، فهم يستوفون حقوقهم وينقصون حقوق الناس.
((
أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ
)).
ألا يفكر هؤلاء المطففون أنهم سوف يبعثون بعد موتهم فيحاسبون على أعمالهم، ويجازون على تطفيفهم.
((
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
)).
سوف يبعثون في يوم عظيم خطره، رهيب بأسه، مهول مشهده، فاق الأيام لعظائم ما يجري فيه من أهوال وأخطار.
((
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
)).
هذا اليوم يقوم الناس فيه من قبورهم إلى الموقف ليحاسبوا، فيجتمعون فيه لفصل القضاء ونيل الجزاء، فسعداء وأشقياء.
((
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
)).
ألا إن كتاب الكفار الفجار في سجل أهل النار، وأسماءهم في كتاب الهالكين من أصحاب الجحيم، ضبطت وسجلت.
((
وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
)).
وما أعلمك بهذا الكتاب الذي هو سجل أسماء أهل النار؟
فهو كتاب محفوظ أحصيت فيه الأسماء بلا زيادة ولا نقص.
((
كِتَابٌ مَرْقُومٌ
)).هذا الكتاب مسطور بأسماء الكفار، علمت الأسماء بالحروف، وضبطت في متنه، فهو سجل الأشرار وكتاب أهل النار.
((
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
)).لعنة وخسار وهلاك وبوار؛ لأهل النار الذين كذبوا بالكتاب، ونسوا الحساب، فاستحقوا العذاب، واستوجبوا العقاب.
((
الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
)).هؤلاء يكذبون بيوم الجزاء، ويجحدونه وينكرون البعث والنشور، فلا جنة عندهم ولا نار، ولا موقف بين يدي الجبار.
((
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
)).
وما يكذب بيوم القيامة إلا من تجاوز الحدود، ونقض العهود، وكفر بالمعبود، قد أكثر من الآثام، وبالغ في الإجرام، وأسرف في الحرام.
((
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ
)).
إذا قرئت على هذا الفاجر آيات القرآن قال مستهزئاً : هذه حكايات الأولين، وخرافات السابقين، وأباطيل القصاص المحرفين.
((
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
)).
كلا والله، ليس أساطير الأولين، بل غطى على قلوبهم حجاب التكذيب، وغين المعصية، وران الذنب، فعميت عن الحق.
((
كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ
)).كلا والله، إن هؤلاء الكفار ممنوعون من رؤية ربهم، لا ينظرون إليه كما ينظر المؤمنون؛ نكالاً بهم وإهانة لهم.
((
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ
)).
ثم إن الكفار يصلون النار، تشوى منهم الوجوه، وتحرق الجلود، وتدخل على الأفئدة؛ لسوء فعلهم وقبح عملهم.
((
ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
)).ثم تقول لهم خزنة جهنم: هذا العذاب الذي كنتم به تكذبون فذوقوه مهانين، واصلوه خالدين.
((
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ
)).ألا إن كتاب الأبرار الصادقين المخلصين لمضبوط في سجل الأخيار، وفي ديوان الأبرار في علو احتراماً وتكريماً.
((
وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ
)).وماذا يعلمك عن كتاب عليين؟
إنه والله عال في مكانه، مرتفع في مرتبته؛ لشرف ما فيه من أسماء.
((
كِتَابٌ مَرْقُومٌ
)).إنه كتاب مكتوب بأحرف من نور، ومسطور بإذن العزيز الغفور، بين فيه كتابة الأسماء، معلم بعلامات ظاهرة لأهل البر والإحسان.
((
يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ
)).يحضر هذا الكتاب العظيم ملأ كريم من الملائكة المقربين الذين أعلى منزلتهم، فهم يشهدون على ما في كتاب الأبرار.
((
إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
)).
إن المؤمنين الطائعين لفي نعيم مقيم، ومقعد صدق كريم، مع خلود دائم، وقرة عين، وبهجة نفس فوق وصف الواصفين.
((
عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ
)).
وهم على الأسرة الوثيرة المريحة ينظرون إلى ما أكرمهم الله به من مناظر بهية، ومنها نظر بعضهم إلى بعض لزيادة السرور.
((
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ
)).تعرف في وجه هؤلاء الأبرار بهجة النعيم، وبهاء التكريم، وبريق السرور، ورونق الحسن ونور الجمال، وحسن المظهر.
((
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ
)).يشرب هؤلاء الأبرار من شراب خالص لا خلط فيه ولا غش، وهو خمر لا سكر فيه ولا صداع، ختم فلا يفتحه إلا صاحبه، لم تلوثه الأيادي.
((
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ
)).
غطاء الكأس يفوح منه عبير المسك، وأريجه يفعم النفس، وفي مثل هذا النعيم يتبارى المتسابقون في ميدان الطاعة، وفي سبيل هذا النعيم والتكريم فليتسابق المجتهدون في الخير لينالوه.
((
وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ
)).ويخلط هذا الشراب بماء عذب زلال من عين صافية، تصب فيه من مكان عالٍ مرتفع، ليعظم مشهد انصباب الماء.
((
عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ
)).
وهذه العين الصافية العذبة هي (التسنيم) التي يشرب منها الأبرار كرامةً لهم واحتفاءً بهم؛ جزاء عملهم الصالح الحسن.
((
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ
)).
إن الذين كفروا كانوا يستهزئون بالمؤمنين في الدنيا، ويضحكون من تصرفاتهم لما في نفوس الكفار من الاستكبار.
((
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
)).
وإذا مر المؤمنون بالكافرين تغامزوا بعيونهم استهزاء بهم وسخرية منهم، فكان الأغنياء يسخرون من فقراء المؤمنين.
((
وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ
)).
وإذا عاد الكفار إلى منازلهم عادوا متلذذين باستهزائهم بالمؤمنين فرحين بسخريتهم من أهل الإسلام عتواً وكبراً.
((
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ
)).
وإذا شاهد الكفار المؤمنين قالوا: لقد ضل هؤلاء وأخطؤوا الطريق وتركوا دينهم ولم يهتدوا إلى الحق.
((
وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ
)).
وليس الكفار وكلاء على المؤمنين، رقباء على تصرفاتهم، رعاةً لأعمالهم، فليس لهم حق في الدخول في شؤونهم.
((
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ
)).ففي يوم الحساب ينقلب الحال، يضحك المؤمنون من الكفار حينما يشاهدونهم صاغرين حقاراً أذلاء ممقوتين.
((
عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ
)).
على الأسرة الوثيرة المريحة ينظرون من منازلهم العالية وقصورهم الرفيعة إلى الكفار في النار يعذبون.
((
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
)).أما كوفئ الكفار على ما فعلوه في هذه الدار، من السخرية والاستكبار، أما عوقبوا، أما أهينوا، أما صاروا أذلاء بعد العتو، حقاراً بعد الكبر، بلى؛ لسوء أعمالهم في الدنيا.


سورة الإنشقاق

تفسير سورة الإنشقاق

إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)

إذا السماء تصدَّعت, وتفطَّرت بالغمام يوم القيامة, وأطاعت أمر ربها فيما أمرها به من الانشقاق, وحُقَّ لها أن تنقاد لأمره. وإذا الأرض بُسطت وَوُسِّعت, ودكت جبالها في ذلك اليوم, وقذفت ما في بطنها من الأموات, وتخلَّتْ عنهم, وانقادت لربها فيما أمرها به, وحُقَّ لها أن تنقاد لأمره.


يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6)

يا أيها الإنسان إنك ساعٍ إلى الله, وعامل أعمالا من خير أو شر, ثم تلاقي الله يوم القيامة, فيجازيك بعملك بفضله أو عدله.

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)
فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه, وهو مؤمن بربه, فسوف يحاسب حسابًا سهلا ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا.



وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)
وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره, وهو الكافر بالله, فسوف يدعو بالهلاك والثبور, ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا, لا يفكر في العواقب, إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله, إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.



فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)

أقسم الله تعالى باحمرار الأفق عند الغروب, وبالليل وما جمع من الدواب والحشرات والهوام وغير ذلك, وبالقمر إذا تكامل نوره، لتركبُنَّ- أيها الناس- أطوارا متعددة وأحوالا متباينة: من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى نفخ الروح إلى الموت إلى البعث والنشور. ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله,
ولو فعل ذلك لأشرك.

فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)
فأيُّ شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما وُضِّحت لهم الآيات؟ وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله, ولا يسلِّمُون بما جاء فيه؟ إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق. والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد مع علمهم بأن ما جاء به القرآن حق, فبشرهم -أيها الرسول- بأن الله- عز وجل- قد أعدَّ لهم عذابًا موجعًا, لكن الذين آمنوا بالله ورسوله وأدَّوْا ما فرضه الله عليهم, لهم أجر في الآخرة غير مقطوع ولا منقوص.

سورة البروج

تفسير(سورة البروج)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ ﴿١﴾ وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ ﴿٢﴾ وَشَاهِدٍۢ وَمَشْهُودٍۢ ﴿٣﴾ قُتِلَ أَصْحَـٰبُ ٱلْأُخْدُودِ ﴿٤﴾ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ ﴿٥﴾ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌۭ ﴿٦﴾ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌۭ ﴿٧﴾ وَمَا نَقَمُوا۟ مِنْهُمْ إِلَّآ أَن يُؤْمِنُوا۟ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ ﴿٨﴾ ٱلَّذِى لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدٌ ﴿٩﴾ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُوا۟ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا۟ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ ﴿١٠﴾ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ جَنَّـٰتٌۭ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ ۚ ذَ‌ٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ ﴿١١﴾ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿١٢﴾ إِنَّهُۥ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ﴿١٣﴾ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ ﴿١٤﴾ ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ ﴿١٥﴾ فَعَّالٌۭ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٦﴾ هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ ﴿١٧﴾ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ﴿١٨﴾ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فِى تَكْذِيبٍۢ ﴿١٩﴾ وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِم مُّحِيطٌۢ ﴿٢٠﴾ بَلْ هُوَ قُرْءَانٌۭ مَّجِيدٌۭ ﴿٢١﴾ فِى لَوْحٍۢ مَّحْفُوظٍۭ ﴿٢٢﴾




((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ)).
أقسم قسما بالسماء ذات المنازل للكواكب، التي تنزلها الكواكب الاثنا عشر منزلاً منزلاً، وبرجاً برجاً بحساب وإتقان وحكمة.
((
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
)).
وأقسم قسما باليوم الذي جعله الله موعداً للعالم لفصل القضاء، فلا يخلف فيه وعده، بل هو واقع لا محالة، كائن لا شك في وقت معين وأجل مسمى.
((
وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ
)).
وأقسم بكل شاهد في ذاك اليوم وحاضر ومعاين لغيره، وكل مشهود عليه بأعماله التي عملها، فالرسل والأمم شاهد ومشهود، ولكل حكم وقضية ش
هود
وخصوم، والحاكم هو الله وحده.
((
قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ
)).
لعن وعذب أصحاب الأخدود في
نجران
الذين حفروا شقاً في الأرض، ثم ملؤوه ناراً وأقحموا فيه المؤمنين.
((
النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ
)).حيث أشعلوا ناراً عظيمة لها وقود ولهيب تأكل من وقع فيها، أشعلها الكفار للأبرار.
((
إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ
)).
والكفار قعدوا على حافة النار يشاهدون عذاب الأخيار، ليتشفوا بمشهد التعذيب شأن الجبابرة.
((
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ
)).وهؤلاء الكفار ينظرون إلى المؤمنين يعذبون ويبصرون النار تشويهم، وقد جلسوا يتفرجون متلذذين بعذاب الصالحين.
((
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
)).
وما عابوا عليهم إلا الإيمان بالله، فليس للمؤمنين ذنب عندهم إلا طاعتهم لربهم وإلا فما آذوهم وما ظلموهم.
((
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
)).
والله المعبود له ملك السموات والأرض خلقاً وتدبيراً وتصريفاً، وهو شاهد على كل شيء، عالم بكل أمر، مطلع على كل فعل، محيط بما دق وجل.
((
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ
)).إن الذين آذوا المؤمنين بالإحراق، وصدوهم عن دينهم، وابتلوهم في عقيدتهم، واستمروا على الكفر والأذى، ولم يتوبوا من الفعل الشنيع والأذى الفظيع، فسوف يحرقهم الله بنار الآخرة التي لا تبقي ولا تذر، خالدين فيها أبداً.
((
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ
)).
إن الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات فجزاؤهم الجنات في خلود مقيم، ونعيم عظيم في جوار ملك كريم، وهذا هو الظفر بالمطلوب، والفوز بالمرغوب، وإدراك كل محبوب، بفضل علام الغيوب.
((
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
)).
إن عذاب ربك عنيف لا يطاق، وان أخذه شديد لا يقاوم، إذا أخذ أهلك، وإذا بطش دمر، يقصم الجبابرة، ويمحق العتاة، ويبيد الطغاة.
((
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ
)).
إنه سبحانه ينشئ الخلق في البدء، ويعيدهم في النهاية، يخلقهم من العدم، ويبعثهم وهم رمم، أمات وأحيا، وأنشأ وسوى، وخلق وهدى.
((
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
)).كثير الغفران لأهل الذنوب والعصيان، وواسع الحلم والتودد لكل تائب ندمان، للمقصر يغفر، وللمقبل متودد.
((
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ
)).خلق العرش العظيم واستوى عليه، وهو عظيم الذات جميل الصفات، حسن الأفعال له العظمة والجلال.
((
فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ
)).
يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، نفذت قدرته، وبهرت حكمته.
((
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ
)).
هل نعلمك -أيها النبي- خبر الأقوام الطغاة الطغام؛ الذين حاربوا الرسل الكرام، وأكثروا في الأرض من الآثام، واغتروا بإقبال الأيام.
((
فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ
)).
هم جنود
فرعون
العنيد، وجيش هذا الطاغية الرعديد، وقوم ثمود، الذين تجاوزوا الحدود، فكلهم بلغ غاية في الفساد، ووصل نهاية الإلحاد، وأمعن في العناد.
((
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ
)).بل حال هؤلاء الكفار عجيب، ونبؤهم غريب، فهم كذبوا الرسول، وأنكروا القرآن، وجحدوا الحساب، وارتكبوا الضلالة، وانحرفوا عن الهداية.
((
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ
)).
والله محيط بهم لا يعجزونه، قادر عليهم لا يفوتونه، تحت حكمه مقهورين، وعن ملكه لا يخرجون.
((
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ
)).
بل إن هذا القرآن شريف المكان، ظاهر البيان، مبارك عظيم، مرشد كريم؛ لأنه كلام الرحمن الرحيم.
((
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
)).مكتوب في لوح محفوظ من الزيادة والنقصان، مصون عن تحريف الإنسان والجان، وتنزه عن الزلل، وجل عن الخلل؛ لأنه منزل من الله عز وجل.

سورة الطارق

تفسير (سورة الطارق)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلطَّارِقُ ﴿٢﴾ ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍۢ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌۭ ﴿٤﴾ فَلْيَنظُرِ ٱلْإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾ خُلِقَ مِن مَّآءٍۢ دَافِقٍۢ ﴿٦﴾ يَخْرُجُ مِنۢ بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ ﴿٧﴾ إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجْعِهِۦ لَقَادِرٌۭ ﴿٨﴾ يَوْمَ تُبْلَى ٱلسَّرَآئِرُ ﴿٩﴾ فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٍۢ وَلَا نَاصِرٍۢ ﴿١٠﴾ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴿١١﴾ وَٱلْأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴿١٢﴾ إِنَّهُۥ لَقَوْلٌۭ فَصْلٌۭ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بِٱلْهَزْلِ ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًۭا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًۭا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًۢا ﴿١٧﴾

((وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ)).
أقسم قسماً بالسماء والنجم الذي يطرق العالم ليلاً، ويختفي في النهار، فكأن زائراً ليلاً يخفيه الظلام.
((وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ)).
وما يعلمك -يا محمد- ما الطارق؟
إنه نجم عظيم ثاقب النور، تام الضوء، تخترق أشعته الظلام كأنه يطرق السماء.
((النَّجْمُ الثَّاقِبُ)).
هذا النجم المضيء المتوهج، يثقب ثوب الليل بنوره، وينفذ بضوئه بين حجب الظلام.
((إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)).
كل نفس عليها حافظ من الله، موكل بحراستها وحفظها مما يؤذيها، وإحصاء عملها، وكتابة سعيها، ومراقبة تصرفاتها.
((فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ)).فلينظر الإنسان باعتبار وتفكر من أي مادة خلقه ربه، وما أصله، وما أول هذا الخلق، إنه من ماء حقير من موضع مهين.
((خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ)).خلق من مني يصب في الرحم، فمن أصله من هذا الأصل لا ينبغي له أن يتكبر ولا يتجبر، بل يتواضع لتفاهة أصله.
((يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)).هذا الماء المهين والمني الحقير يخرج من ظهر الرجل وصدر المرأة، يلتقي في موضع يحتشم من ذكره ليكون الإنسان.
((إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ)).إن الله على رد الإنسان حياً بعد موته للحساب لقادر، فبعد الموت حياة، وبعد البعث حساب، وبعد النشور جزاء.
((يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)).ذاك اليوم تختبر السرائر، ويكشف عما في الضمائر، وتظهر المكنونات، وتبدو الخفيات، ويخرج ما أكنته النيات.
((فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ)).فما لجاحد اليوم الآخر وهو الكافر من قوة تحميه، ولا ناصر ينقذه مما هو فيه، فلا دافع ولا نافع ولا شافع له.
((وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)).وأقسم قسماً بالسماء ذات الغيث الذي يرجع بخاراً من الأرض فتعيده السماء إلى الأرض مطراً هنيئاً مباركاً.
((وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ)).وأقسم قسماً بالأرض التي تتشقق بالنبات، وتتصدع لخروج جذوع الأشجار من بين طبقاتها.
((إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ)).إن هذا القران قول يفصل بين الحق والباطل، ويفرق بين الرشد والغي، ويميز بين الصلاح والفساد.
((وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)).
وليس القرآن لهواً، ولكنه جد لا لعب فيه، وحق لا باطل معه، وهدى لا ضلال معه.
((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا)).
إن الكفار يخفون كيدهم لمحاربة المؤمنين، ويحبكون الخطط لحرب الإسلام، فهم في تدبير الحرب الخفية.
((وَأَكِيدُ كَيْدًا)).
ويقابل الله تدبيرهم بتدبير أحكم منه وأخفى وأقوى، فيبطل كيدهم ويفل جدهم ويحبط مكرهم.
((فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)).فانتظر -يا محمد- الكفار بعض الانتظار؛ لترى ماذا يفعل بهم القهار؟
ولا تستعجل هلاكهم، فكل ما هو آت قريب، فسوف ترى مصارعهم ونهايتهم المرة المذلة إذا حان موعد أخذهم.

سورة الأعلى

تفسير سورة الأعلى

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)

نَزِّه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيهًا يليق بعظمته سبحانه, الذي خلق المخلوقات, فأتقن خلقها, وأحسنه, والذي قدَّر جميع المقدرات, فهدى كل خلق إلى ما يناسبه, والذي أنبت الكلأ الأخضر, فجعله بعد ذلك هشيمًا جافًا متغيرًا.

سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى (6) إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)


سنقرئك -أيها الرسول- هذا القرآن قراءة لا تنساها, إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها. إنه - سبحانه- يعلم الجهر من القول
والعمل, وما يخفى منهما.

وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)

ونيسرك لليسرى في جميع أمورك, ومن ذلك تسهيل تَلَقِّي أعباء الرسالة, وجعل دينك يسرًا لا عسر فيه.


فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)


فعظ قومك -أيها الرسول- حسبما يسرناه لك بما يوحى إليك، واهدهم إلى ما فيه خيرهم. وخُصَّ بالتذكير من يرجى منه التذكُّر، ولا تتعب نفسك في تذكير

من لا يورثه التذكر إلا عتوًّا ونفورًا .

سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)


سيتعظ الذي يخاف ربه, ويبتعد عن الذكرى الأشقى الذي لا يخشى ربه, الذي سيدخل نار جهنم العظمى يقاسي حرَّها, ثم لا يموت فيها فيستريح, ولا يحيا
حياة تنفعه.


قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)


قد فاز مَن طهر نفسه من الأخلاق السيئة، وذكر الله, فوحَّده ودعاه وعمل بما يرضيه, وأقام الصلاة في أوقاتها؛ ابتغاء رضوان الله وامتثالا لشرعه.

بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)


إنكم -أيها الناس- تفضِّلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة.


وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)


والدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم, خير من الدنيا وأبقى.

إن هذا لفي الصحف الأولى (18) صحف إبراهيم وموسى (19)

إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصحف التي أنزل قبل القرآن وهي صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام .

سورة الغاشية



بسم الله الرحمن الرحيم

هل أتاك حديث الغاشية(1) هل أتاك-أيها الرسول-خبر القيامة تغشى الناس بأهوالها

وجوه يومئِذٍ خاشعة (2) وجوه الكفار يومئِذٍ ذليلة بالعذاب

عاملة ناصبة (3) مجهدة بالعمل متعبة

تصلى ناراً حامية (4) تصيبها نار شديدة التوهج

تسقى من عين ءانية(5) تسقى من عين بلغت الحرارة

ليس لهم طعام إلا من ضريع (6) ليس لأصحاب النار طعام إلا من نبت ذي

شوك لاصق بالأرض وهو شر الطعام وأخبثه

لايسمن ولا يغني من جوع (7) لايسمن بدن صاحبه من الهزال ولا يسد جوع

جوعه ورمقه

وجوه يومئِذٍ ناعمة(8) وجوه المؤمنين يوم القيامة ذات نعمة

لسعيها راضية(9) لسعيها في الدنيا بالطاعات راضية في الأخرة

في جنة عالية (10) في جنة رفيعة المكان والمكانة

لاتسمع فيها لاغية (11) لاتسمع فيها كلمة لغو واحدة

فيها عين جارية(12) فيها عين تتدفق مياهها

فيها سرر مرفوعة (13) فيها سرر عالية

وأكواب موضوعة (14)
وأكواب معدة للشاربين

ونمارق مصفوفة (15) ووسائد مصفوفة الواحدة جنب الأخرى

وزرابي مبثوثة (16) وبسط كثيرة مفروشة

أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (17) أفلا ينظر الكافرون إلى الإبل :كيف

خلقت هذا الخلق العجيب؟

وإلى السماء كيف رفعت (18) وإلى السماء كيف رفعت هذا الرفع البديع ؟

وإلى الجبال كيف نصبت (19) وإلى الجبال كيف نصبت فحصل بها الثبات

للأرض والاستقرار؟

وإلى الأرض كيف سطحت (20) وإلى الأرض كيف بسطت ومهدت

فذكر إنما أنت مذكر(21) فعظ - أيها الرسول -المعرضين بما أرسلت به أليهم

ولا تحزن على إعراضهم إنما أنت واعظ لهم

لست عليهم بمصيطر(22) ليس عليك إكراههم على الإيمان


إلا من تولى وكفر(23) لكن الذي أعرض عن التذكير والموعظة واصر عل كفره

فيعذبه الله العذاب الأكبر(24) فيعذبه الله العذاب الشديد في النار

إن إلينا إيابهم (25) إن إلينا مرجعهم بعد الموت

ثم إن علينا حسابهم (26) ثم إن علينا جزاءهم على ماعملوا

سورة الفجر

تفسير سورة الفجر
 
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
 
 
 
 
 
"" وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4 ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) ""


الظاهر ، أن المقسم عليه ، هو المقسم به ، وذلك جائز مستعمل ، إذا كان أمرا ظاهرا مهما ،وهو كذلك في هذا الموضع. فأقسم الله تعالى بالفجر ، الذي هو آخر الليل ، ومقدمة النهار ، لما في إدبار الليل ، وإقبال النهار ، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى ، وأنه تعالى ، هو المدبر لجميع الأمور ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له . ويقع في الفجر ، صلاة فاضلة معظمة ، يحسن أن يقسم الله بها . ولهذا أقسم بعده ، بالليالي العشر ، وهي على الصحيح ليالي عشر رمضان ، أو عشر ذي الحجة فإنها ليال مشتملة ، على أيام فاضلة ، ويقع فيها من العبادات والقربات ، ما لا يقع بغيرها . وفي ليالي عشر رمضان ، ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر . وفي نهارها ، صيام آخر رمضان الذي هو احد أركان الإسلام العظام . وفي أيام عشر ذي الحجة ، الوقوف بعرفة ، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة ، يحزن لها الشيطان ، فإنه ما رئى الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة ، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله ، على عباده . ويقع فيها ، كثير من أفعال الحج والعمرة . وهذه أشياء معظمة ، مستحقة أن يقسم الله بها .


• ( والليل إذا يسر ) أي : وقت سريانه ، وإرخائه ظلامه على العباد ، فيسكنون ويستريحون ، ويطمئنون ، رحمه منه تعالى وحكمة .

• ( هل في ذلك ) المذكور ( قسم لذي حجر ) أي : لذي عقل ؟ نعم ، بعض ذلك يكفي ، لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد .

يقول تعالى ( ألم تر ) بقلبك وبصيرتك ( كيف فعل ربك بعاد ) هذه الأمة الطاغية .

وهي ( إرم ) القبيلة المعروفة في اليمن ( ذات العماد ) أي : القوة الشديدة ، والعتو والتجبر .

• ( التي لم يخلق مثلها في البلاد ) أي : في جميع البلدان ، في القوة والشدة . كما قال لهم نبيهم هود عليه السلام: ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون )

• ( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ) أي : وادي القرى ، نحتوا بقوتهم الصخور ، فاتخذوها مساكن .

• ( وفرعون ذي الأوتاد ) أي : ذي الجنود ، الذين ثبتوا ملكه ، كما تثبت الأوتاد ما يراد إمساكه بها .

• ( الذين طغوا في البلاد ) هذا وصف عائد ، إلى عاد وثمود وفرعون ، ومن تبعهم . فإنهم طغوا في بلاد الله وآذوا عباد الله ، في دينهم ودنياهم ، ولهذا قال :

• ( فأكثروا فيها الفساد ) وهو العمل بالكفر وشعبه ، من جميع أجناس المعاصي . وسعوا في محاربة الرسل ، وصد الناس عن سبيل الله .

فلما بلغوا من العتو ، ما هو موجب لهلاكهم ، أرسل الله عليهم من عذابه ، ذنوبا ، وسوط عذاب .
• ( إن ربك لبا لمرصاد ) لمن يعصيه ، يمهله قليلا ، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر .



"" فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً (20) ""

يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان ، من حيث هو ، وأنه جاهل ظالم ، لا علم له بالعواقب . يظن الحالة ، التي تقع فيه ، تستمر ولا تزول . ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه ، يدل على كرامته وقربه منه .
وأنه إذا قدر (( عليه رزقه )) أي : ضيقة ، فصار بقدر قوته لا يفضل عنه ،أن هذا إهانة من الله له ، فرد الله عليه هذا الحسبان ، فقال :

• (( كلا )) أي ليس كل من نعمته في الدنيا ، فهو كريم علي . ولا كل من قدرت عليه رزقه ، فهو مهان لدي وإنما الغني والفقر ، والسعة والضيق ، ابتلاء من الله ، وامتحان يمتحن به العباد ، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر ، فيثيبه على ذلك ، الثواب الجزيل ومن ليس كذلك ، فينقله إلى العذاب الوبيل . وأيضا ، فإن وقوف همة العبد عند مراد نفسه فقط ، من ضعف الهمة . ولهذا لامهم الله على عدم اهتمامهم بأحوال الخلق المحتاجين فقال : (( كلا بل لا تكرمون اليتيم )) الذي فقد أباه وكاسبه ، واحتاج إلى جبر خاطره والإحسان إليه . فأنتم لا تكرمونه بل تهينونه ، وهذا يدل على عدم الرحمة في قلوبكم ، وعدم الرغبة في الخير .
• ((ولا تحاضون على طعام المسكين )) أي : لا يحض بعضكم بعضا ، على إطعام المحاويج ، من الفقراء والمساكين ، وذلك ، لأجل الشح على الدنيا ، ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب ، ولهذا قال : (( وتأكلون التراث )) أي : المال المخلف (( أكلا لما )) أي : ذريعا ، لا تبقون على شيء منه .
• (( وتحبون المال حبا جما )) أي : شديدا ، وهذا كقوله : (( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خيرا وأبقى ))
• (( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ))



"" كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِاىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَد (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتي (30) ""

• (( كلا )) أي ليس كل ما أحببتم من الأموال ، وتنافستم فيه من اللذات ، بباق لكم . بل أمامكم يوم عظيم ، وهول جسيم ، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعا صفصفا ، لا عوج فيه ولا أمت .
ويجيء الله لفصل القضاء بين عباده في ظلل من الغمام . وتجيء الملائكة الكرام ، أهل السماوات كلهم صفا صفا ، أي صفا بعد صف ، كل سماء يجيء ملائكتها صفا ، يحيطون بمن دونهم من الخلق . وهذه الصفوف خضوع ، وذل للملك الجبار .

• (( وجيء يومئذ بجهنم )) تقودها الملائكة بالسلاسل . فإذا وقعت هذه الأمور (( يومئذ يتذكر الإنسان )) ما قدمه من خير ومن شر . (( وأنى له الذكرى )) فقد فات أوانها ، وذهب زمانها .
• (( يقول )) متحسرا على ما فرط في جنب الله . (( يا ليتني قدمت لحياتي )) الباقية الدائمة ، عملا صالحا ، كما قال تعالى : (( يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا )) . وفي هذا ، دليل على أن الحياة ، التي ينبغي السعي في كمالها ، وتحصيلها وكمالها ، وفي تتميم لذاتها ، هي الحياة في دار القرار ، فإنها دار الخلد والبقاء .
• (( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد )) لما أهمل ذلك اليوم ، ونسي العمل له .
(( ولا يوثق وثاقه أحد )) فإنهم يوثقون بسلاسل من النار ، ويسبحون على وجوهم في الحميم ، ثم في النار يسجرون ، فهذا جزاء المجرمين . وأما من آمن بالله ، واطمأن به ، وصدق رسله فيقال له :
• (( يا أيتها النفس المطمئنة )) إلى ذكر الله ، الساكنة على حبه التي قرت عينها بالله .
• (( ارجعي إلى ربك )) الذي رباك بنعمته (( راضية مرضية )) أي : راضية عن الله ، وعما أكرمها به من الثواب ، والله قد رضي عنها .
• (( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )) وهذا تخاطب به الروح يوم القيامة وتخاطب به وقت السياق والموت .

الثلاثاء، 31 مايو 2011

سورة البلد

تفسير سورة البلد
 
 
ijk
 Iw ãNÅ¡ø%é& #x»pkÍ5 Ï$s#t7ø9$# ÇÊÈ |MRr&ur B@Ïn #x»pkÍ5 Ï$s#t7ø9$# ÇËÈ 7$Î!#urur $tBur t$s!ur ÇÌÈ ôs)s9 $uZø)n=yz z`»|¡SM}$# Îû >t6x. ÇÍÈ Ü=|¡øtsr& br& `©9 uÏø)tƒ Ïmøn=tã Ótnr& ÇÎÈ ãAqà)tƒ àMõ3n=÷dr& Zw$tB #´t79 ÇÏÈ Ü=|¡øtsr& br& öN©9 ÿ¼çnttƒ îtnr& ÇÐÈ óOs9r& @yèøgwU ¼ã&©! Èû÷üuZøŠtã ÇÑÈ $ZR$|¡Ï9ur Éú÷ütGxÿx©ur ÇÒÈ çm»oY÷ƒyydur ÈûøïyôÚ¨Z9$# ÇÊÉÈ Ÿxsù zNystFø%$# spt7s)yèø9$# ÇÊÊÈ !$tBur y71u÷Šr& $tB èpt7s)yèø9$# ÇÊËÈ 7sù >pt6s%u ÇÊÌÈ ÷rr& ÒO»yèôÛÎ) Îû 5Qöqtƒ ÏŒ 7pt7tóó¡tB ÇÊÍÈ $VJŠÏKtƒ #sŒ >pt/tø)tB ÇÊÎÈ ÷rr& $YZŠÅ3ó¡ÏB #sŒ 7pt/uŽøItB ÇÊÏÈ ¢OèO tb%x. z`ÏB tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä (#öq|¹#uqs?ur ÎŽö9¢Á9$$Î/ (#öq|¹#uqs?ur ÏpuHxqöuKø9$$Î/ ÇÊÐÈ y7Í´¯»s9'ré& Ü=»ptõ¾r& ÏpuZyJøpRùQ$# ÇÊÑÈ tûïÏ%©!$#ur (#rãxÿx. $uZÏG»tƒ$t«Î/ öNèd Ü=»ysô¹r& ÏpyJt«ô±yJø9$# ÇÊÒÈ öNÍköŽn=tã Ö$tR 8oy|¹÷sB ÇËÉÈ




((لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ)).

أقسم قسماً بالبلد الحرام وهي مكة المكرمة ، حيث بيت الله، وحرمه ومهبط وحيه، ومولد رسوله ومشاهد الحج.


((وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ)).

وأنت مقيم بهذا البلد فزاد فضله بوجودك، فكونك بهذا البلد يقتضي شرفه ورفعته، والديار تعظم بشرف ساكنها.


((وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ)).

وأقسم قسماً بكل والد وكل مولود من المخلوقات المتوالدة التي تتناسل؛ لأن فيه بقاء الحياة وحفظ النوع، وبرهان على عظمة الباري وقدرته على الخلق وحكمته في الإنشاء.


((لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)).

لقد خلقنا الإنسان وهو يكابد الشدائد، ويصارع النوائب، ويتعرض للمصائب، فطريقه طريق التعب والنصب، تنغص حياته الأكدار، وتحيط بها الأخطار.


((أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ)).

هل يظن الإنسان أنه لا يستطيع أحد أن ينتقم منه ويقهره ويغلبه، وهذا جهل منه وغرور وعتو، بل الله يقهره ويغلبه ويقدر عليه.


((يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا)).

يقول: أنفقت أموالاً كثيرة كبراً وخيلاء، ودعاوى كاذبة لجلب الفخر لنفسه مثل ما فعل بعض المشركين حيث قال: أنفقت في عداوة محمد مالاً كثيراً وهو كاذب.


((أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)).

أيظن أنه لم يطلع على حقيقة أمره أحد في قدر إنفاقه، بلى، فالله عالم كم أنفق، مطلع كم أعطى، وسوف يحاسبه على كل نفقة صرفها.


((أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ)).

أما وهبنا للإنسان عينين يرى بهما، وبصر الإنسان نعمة جليلة، حيث إنه يرى ببصره معالم حياته ومباهج دنياه وما يهمه لقيام وجوده.


((وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ)).

ورزقنا الإنسان لساناً ناطقاً فصيحاً يؤدي به غرضه، ويصل إلى مطلوبه، ورزقناه شفتين تعينانه على الكلام والصمت، وتناول الطعام في جمال بديع وصنع متقن.


((وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)).
وأوضحنا له سبيل الحق والباطل، والهدى والضلال؛ ليكون على بينة من أمره، فيختار أحدهما بعد ما بان له الفرق بينهما.


((فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ)).

هلا اجتاز السبيل الصعب بفعل ما يحب وعمل ما يستحب من حسنات وصدقات وقربات؛ لينال الفوز ويظفر بالنجاة.


((وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ)).

وما أدراك ما اجتياز هذه العقبة؟
إنه عسير على من لم يرد الله توفيقه، يسير لمن يسره الله عليه.


((فَكُّ رَقَبَةٍ)).

إنها عتق رقبة لتستوفي حريتها، وتنال حقوقها، وتستوفي إنسانيتها، فالإسلام جاء بالحرية.


((أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)).

أو بذل الطعام في يوم مجاعة للفقراء والأيتام، وإيثار المسكين على النفس مع الحاجة وقلة الزاد.


((يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ)).

وإطعام اليتيم القريب وكفالته والقيام على شؤونه؛ لأنه فقد الرعاية والحنان، فانكسر قلبه، وذلت نفسه.


((أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)).
وإطعام مسكين كادت يده من الإفلاس والعدم تلصق بالتراب؛ فحقه أن يواسى وأن يعطى بعدما تقطعت به السبل.


((ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)).

ثم كان المجتاز لعقبة الأعمال الشاقة مؤمناً بالله لا كافراً ولا منافقاً يوصي نفسه وغيره بالصبر المشروع على الطاعات والمكاره، وعن المعاصي، ويوصي بالتراحم لبناء الألفة في المجتمع المسلم ليعم الأمن والسلام.


((أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ)).

أهل هذه الصفات هم أصحاب اليمين في دار الفائزين، صحائفهم بأيمانهم، واليمن والبركة معهم، ظفروا بالمطلوب، ونجوا من المرهوب.


((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ)).

والجاحدون للآيات المكذبون بالرسالات هم أصحاب الشمال يحشرون مع أهل الضلال في الأنكال والأغلال، صحفهم بشمائلهم لسوء فعالهم.


((عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ)).

تطبق عليهم نار محرقة تشوي الوجوه وتصهر الأجسام، أغلقت عليهم فلا يخرجون، وأوصدت عليهم فلا يموتون ولا يحيون، عذاب مستمر في سوء المستقر.